اخبار الرياضة

هل جوزيه هو أفضل مدرب في تاريخ الأهلي في كأس العالم للأندية؟

في تاريخ كرة القدم، هناك أسماء لا تُنسى، لا بسبب الأرقام فقط، بل لأنهم تركوا بصمة خالدة شكلت هوية أندية بأكملها، ومن بين هذه الأسماء يتصدر البرتغالي مانويل جوزيه دي سيلفا قائمة الأساطير التي صنعت المجد للنادي الأهلي المصري، فلا يُذكر المجد القاري دون ذكر جوزيه، ولا تُكتب سطور العالمية دون أن يتوسطها اسمه.

ومع اقتراب مشاركة الأهلي في كأس العالم للأندية 2025، بأمريكا، تعود الذاكرة الحمراء إلى أيام المجد مع جوزيه، الذي كان أول من قاد الأهلي للتألق في المونديال، ووضعه على خارطة كرة القدم العالمية، ليس كضيف شرف، بل كمنافس محترم يُحسب له ألف حساب.

بداية مانويل جوزيه عالمية إلى العالمية

تعاقد الأهلي مع جوزيه منتصف عام 2001، ولم يكن كثيرون يتوقعون أن هذا المدرب “المغمور” نسبيًا خارج البرتغال، سيكون هو الرجل الذي سيغير وجه الكرة المصرية لعقود، فقد جاء بعد مسيرة في بلده الأم مع أندية مثل سبورتينغ لشبونة وبنفيكا، لكنه لم يكن من الأسماء اللامعة على الساحة الأوروبية، بل كان مدربًا ذكيًا وطموحًا يبحث عن التحدي.

ولأن البدايات العظيمة تستلزم مشاهد استثنائية، فإن أول اختبار لجوزيه جاء أمام ريال مدريد الإسباني بطل أوروبا بقيادة لاعبين أمثال زيدان وبروبيرتو كارلوس وغيرهم، آنذاك في مباراة ودية شهيرة جرت في القاهرة يوليو 2001، ويومها، فاجأ الأهلي العالم وفاز بهدف صنداي، في ليلة خالدة بأذهان الأهلاوية.

هذا الانتصار كان بمثابة بيان للتطلعات الفنية للمدرب البرتغالي: هو لا يخشى الكبار، ويعرف كيف يعد لاعبيه نفسيًا وتكتيكيًا مهما كان الخصم، كانت بداية عالمية إلى العالمية.. لكن رغم البدايات القوية، كانت هناك صعوبات حقيقية تنتظره في أول موسم رسمي له.

رغم أنه لم يستمر أكثر من موسم واحد في فترته الأولى، فإن جوزيه نجح في ترك بصمة قارية لا تُنسى، ففي موسم 2001-2002، قاد الأهلي لتحقيق لقب دوري أبطال إفريقيا بعد غياب طويل، إذ توج به بعد الفوز في النهائي على فريق ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي بثلاثية، لكن البطولة لم تكن كافية لضمان استمراره. فعلى الصعيد المحلي، لم يحقق الفريق لقب الدوري، وخسر كأس مصر، وبدأت بعض الضغوط الجماهيرية والإدارية في الظهور.

كان من الواضح أن جوزيه يمتلك رؤية فنية متقدمة، لكنه لم يحظ بالاستقرار الإداري والفني الكامل في تلك المرحلة، ومع نهاية الموسم، رحل بهدوء دون ضجيج، في قرار وصفه البعض حينها بـ”المتسرع”، بعد أن قاد الفريق للتتويج بدوري الأبطال، انتصار على ريال مدريد، وفوز تاريخي آخر على الزمالك 6-1 في أشهر مباريات القمة المصرية، ليتجه الأهلي إلى تجارب تدريبية أخرى لم تُثمر.

العودة

 عاد مانويل جوزيه بشكل رسمي في مطلع عام 2004، لتبدأ الحقبة الذهبية للنادي القاهري.. ما بين عامي 2004 و2010، حيث صنع مانويل جيلاً هو الأقوى في تاريخ الأهلي، جيل أبو تريكة، وائل جمعة، بركات، ومتعب، والشاطر، وفلافيو، وجيلبرتو. هذا الجيل الذي كتب التاريخ بالحروف الأولى لكلمة العالمية”.

مع هذا الجيل التاريخي، أخذ مانويل جوزيه في تحقيق البطولة تلو الأخرى، اكتسح الساحة الأفريقية، بتتويجه مرة أخرى بدوري أبطال أفريقيا عام 2005 على حساب النجم الساحلي التونسي، ليقود الفريق للمرة الأولى لبطولة كأس العالم للأندية باليابان.

في المشاركة الأولى بالمونديال، ظهر الأهلي بأداء متراجع، ليخسر أمام الاتحاد السعودي وسيدني الأسترالي، ليحتل المركز السادس في البطولة.

كأس العالم للأندية 2006

رغم المشاركة الأولى المخيبة للأهلي في مونديال الأندية 2005 باليابان، لم يُصب مانويل جوزيه بالإحباط، بل عاد في النسخة التالية أقوى من أي وقت مضى، وحقق إنجازًا غير مسبوق في تاريخ الأندية الإفريقية والعربية حتى ذلك الوقت.

في نسخة 2006، حقق الأهلي المركز الثالث بعد أداء باهر، حيث فاز على أوكلاند سيتي النيوزيلندي (2-0)، وخسر بصعوبة أمام إنترناسيونال البرازيلي (1-2) ثم فاز في مباراة تحديد المركز الثالث على كلوب أمريكا المكسيكي بنتيجة (2-1).

وأصبح الأهلي بذلك أول نادٍ أفريقي يحصد ميدالية في كأس العالم للأندية، تحت قيادة مانويل جوزيه، ولم تكن الميدالية فقط هي الإنجاز، بل الأداء الرجولي، والانطباع العالمي الذي تركه الفريق، فبالرغم من إقامة البطولة في اليابان، جعل جوزيه الأهلاوية يجتمعون على المقاهي في الصباح الباكر لمشاهدة مباريات فريقهم بفخر.

لم يكن مانويل جوزيه مجرد مدرب يعتمد على المهارة الفردية أو الانضباط التكتيكي فقط، بل كان صاحب رؤية، وعقيدة بأهمية الانضباط في كل شيء، وأن الأولوية للفريق وليس للأشخاص، وأسس لثقافة الفوز المتواصل داخل غرفة الملابس.. صقل المواهب، ورفع من جودة اللاعبين نفسيًا وذهنيًا، مرسخًا فلسفة عنوانها “نحن الأفضل.. وعلينا إثبات ذلك كل أسبوع”.

كان جوزيه حادًا أحيانًا بل في أغلب الوقت، ساخرًا في مؤتمراته، لكنه لم يخذل جمهوره في الملعب، ومن خلال انسجام فلافيو وجيلبرتو، وبراعة أبو تريكة، ومهارات بركات ومتعب، أنتج جوزيه كرة هجومية ممتعة، جعلت الأهلي لا يُقهر على الصعيد المحلي، ومهابًا على الصعيد القاري.

غادر مانويل جوزيه الأهلي عام 2009، لينتقل إلى تدريب منتخب أنغولا ثم الاتحاد السعودي، قبل العودة إلى الأهلي لولاية ثالثة وأخيرة أواخر عام 2010 وحتى 2012.

وقاد المدرب البرتغالي الأهلي للتتويج ببطولات الدوري المصري 6 مرات، دوري أبطال أفريقيا، كأس السوبر المصري، كأس السوبر الأفريقي 4 مرات، إضافة للقب كأس مصر مرتين بمجموع 20 بطولة، ليؤكد مكانته على قمة المدربين الذين عملوا في مصر وتحديدًا رفقة الأهلي.

 إرث مانويل جوزيه حاضر قبل مونديال 2025

بعد سنوات من رحيله، حقق الأهلي 3 ميداليات برونزية في بطولات كأس العالم للأندية، وسيخوض الأهلي تحديًا جديدًا في مونديال 2025، النسخة الموسعة التي تقام في الولايات المتحدة، وتضم 32 فريقًا لأول مرة. 

وبعد أن أوصل مانويل جوزيه الأهلي إلى المجد العالمي في 2006، استمر الأهلي في الحضور المتكرر في المونديال (2008، 2012، 2013، 2020، 2021، 2022)، وهو ما يعكس استمرارية عقلية التنافس على أعلى المستويات التي أسسها الرجل البرتغالي.

من النادر أن يُحب جمهور مدربًا كما أحب جمهور الأهلي مانويل جوزيه، الرجل الذي تحول إلى أيقونة، يهتف له المشجعون في المدرجات حتى بعد رحيله، فهم يعتبرونه أهلاويًا بالانتماء لا بالجنسية، فأصبح المثال الذي يضعه كل مدرب يتولى قيادة الفريق نصب عينيه، وقبل دخول المعترك العالمي، بالتأكيد يرغب المدرب الإسباني الجديد خوسيه ريفيرو في تحقيق نجاحات عالية مثلما حقق الرجل البرتغالي وكتيبته قبل سنوات عدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى